لارا..فتاة في مقتبل العمر تواجه المجتمع يومياً سواء من أشخاص داخل دائرة معارفها من أقارب أو زملاء العمل، أوأشخاص غريبة، ومن خلال المواقف اليومية يختلط بداخلها مشاعر مختلفة قد تكون جيدة، وقد تكون سيئة، لتتحكم في هذه المشاعر، وتكتشف نفسها من خلالها، وتحسن علاقتها في كافة تعاملاتها، عليها باتباع الذكاء العاطفي.
ما هو الذكاء العاطفي ومدى أهميته في حياتنا؟.. أهم مهارات الذكاء العاطفي..خطوات لاكتساب الذكاء العاطفي..كل هذا سنجده بالتفصيل في هذا المقال.
ما هو الذكاء العاطفي؟
هو القدرة على فهم مشاعرك ومشاعر من حولك، والتحكم فيها بطريقة إيجابية في كافة مواقفك الحياتية؛ إذ يمكنك الذكاء العاطفي من تقليل التوتر الناتج عن موقف ما، وتقليل الفهم الخاطئ المؤدي لنشوب صراع، وتعزيز الروابط المجتمعية بين أصحابها.
أسباب تجعل للذكاء العاطفي أهمية كبيرة:
قد تكونين مجتهدة، وتبذلين مجهود كبير في شيء ما، لكن عدم تمكنك من التفاعل مع الأخرين، وفهم مشاعرهم بذكاء، وكذلك عدم فهم مشاعرك وتحكمك فيها يقف عائقاً أمام نجاحك، وتحقيق أهدافك
إليك أبرز الجوانب الحياتية التي يؤثر الذكاء العاطفي عليها بشكل ايجابي:
١.الحياة العملية:
سواء كنت طالبة جامعية، أو عاملة ستواجهك تحديات ومصاعب في بيئة العمل، أو الجامعة، لكن سيمكنك الذكاء العاطفي من التغلب عليها، بل وجعلها حافز لديك بدلاً من كونها عقبة أمامك.
لذلك تجدين أصحاب العمل يضعون الذكاء الاجتماعي كنقطة تقييم في مقابلات العمل مثلها مثل الاختبارات التقنية، لمعرفتهم مدى تأثيرها على منظومة العمل؛ حيث أنها تكسب صاحبها مهارات هامة مثل القيادة، والعمل الجماعي، والقدرة على تحفيز الشباب.
٢.الصحة الجسدية:
توترك وعدم تمكنك من التحكم في انفعالاتك يرفع معدل هرمون الكورتيزول بالجسم؛ مما يترتب عليه مشاكل صحية عديدة تشمل: ارتفاع ضغط الدم، وتثبيط جهاز المناعة، وتحفيز الشيب. من هنا يكمن دور الذكاء العاطفي في الحد من توترك، والتحكم في انفعالاتك بشكل أقوى.
٣.الصحة الذهنية:
ليست فقط صحتك الجسدية من تدفع ثمن توترك، بل تشاركها صحتك الذهنية، ويظهر ذلك جلياً على هيئة أعراض نفسية تتمثل في الاكتئاب، والقلق العام، واضطرابات النوم، والميل إلى العزلة.
٤.العلاقات الرسمية والودية:
عند فهمك مشاعرك وتحكمك بها، يسهل عليك فهم من حولك، ما يترتب عليه التواصل معهم بشكل سليم، ومرضي للطرفين، ومن ثم تستطيعين تكوين روابط قوية سواء على المستوى المهني أو الأسري.
مهارات تمكنك من اكتساب الذكاء العاطفي:
يحتاج الذكاء العاطفي إلى مهارات تكمل بعضها لتصل بصاحبها إلى فهم نفسه ومن حوله، ومن ثم تعزيز علاقاته بمن حوله. من أهم هذه المهارات:
١.التحكم بالذات:
ما أقصده تحديداً التحكم بمشاعرك، فلا تجعليها تقودك، تذكري معي كم من مواقف عصيبة مررت بها، وتملكك التوتر والخوف؛ مما أثر على قراراتك وتفكيرك؟
استقرار مشاعرك يقودك نحو قرارات عقلانية موزونة، وأي تأثير خارجي عليها من توتر يخل بتوازنك العاطفي، لذلك تحكمك في انفعالاتك ومشاعرك يجعلك قوية، وقادرة على مواجهة تقلبات الظروف؛ مما يهيئك إلى الوعي الذاتي.
٢.الوعي الذاتي:
فهم كل شعور إنساني تمرين به، وأثره على كلاً من صحتك النفسية، والجسدية، بل وقرارتك المصيرية من أهم مهارات الذكاء العاطفي. يتطور لديك الوعي الذاتي كنتاج لخبراتك الحياتية السابقة؛ كلما كانت خبراتك العاطفية منذ طفولتك أكثر استقراراً وأكثر احتواءً من قبل عائلتك، كلما تعمقت أكثر في فهم مشاعرك والعكس صحيح، كلما كانت ذكرياتك مليئة بالخوف، كلما هربت من فهم مشاعرك التي تمثلك.
٣.الوعي المجتمعي:
بعدما تعرفتي على نفسك ومشاعرك، يمكنك أيضاً فهم الأخرين. يساعدك الوعي المجتمعي على فهم مشاعرك من حولك، وتغير حالتهم المزاجية دون الحاجة لكلامهم، بل من تصرفاتهم؛ مما يسهل عليك الانخراط المجتمعي، وبناء علاقات قوية تتحكمين بزمامها. إليك وسيلة هامة تساعدك في تحسين كلاً من الوعي الذاتي والوعي المجتمعي، ألا وهي اليقظة الذهنية.
ما هي اليقظة الذهنية:
هي صب كامل تركيزك في اللحظة الحالية دون التشتت في أي أمر أخر. تساهم اليقظة الذهنية في الحد من التوتر ورفع معدل السعادة.
دور اليقظة الذهنية في تحسين الوعي الذاتي:
يظهر دورها واضحاً في تحسين وعيك الذاتي، حيث تجعلك تقبلين، بل وتفهمين كل شعور تمرين به على حدى مهما كان مؤلم، فضلاً عن دورها في جعلك أقل عرضة للتوتر، وتكونين قادرة على مواجهة ذكرياتك ومتصالحة معها، وتكسبك القدرة على مواجهة مشاكلك مستقبلاً.
دور اليقظة الذهنية في تحسين الوعي المجتمعي:
أما عن دورها في زيادة وعيك المجتمعي، يظهر واضحاً في جعلك متفرعة ذهنياً لمن حولك، وملاحظة التغيرات الشعورية التى يمر بها من حولك من لحظة لأخرى؛ مما يمكنك من فهمك التام له. ينعكس وعيك المجتمعي أيضاً على وعيك الذاتي، بل ويعززه أيضاً؛ إذ أن فهمك لمن حولك ينعكس عليك بمشاعر جديدة، ما يكشف لك نافذة أخرى عن نفسك.
٤.إدارة العلاقات:
من المهارات الأساسية في الحياة سواء على المستوى الأسري، أو على المستوى المهني، وتشمل كلاً من
- معرفة تعبيراتك الحركية وخاصة تعبيرات الوجه المصحوبة لمشاعر ما، وقدرتك على التحكم فيها، إذ أن ذلك يحسن علاقتك بالأخرين.
- استخدام المرح والدعابة لتقليل التوتر، وتخفيف العبء، حيث تحسن الدعابة من قوة جهازك المناعي، وترفع معدل تركيزك، وتنشر الإيجابية لمن حولك.
- النظر للمشاكل والصراعات على إنها تحدي جديد عليك الفوز به، ونشر هذه الثقافة لمن حولك؛ لأن عند حلك لهذا الصراع بطريقة بنائة، ستقوى الروابط بينكم في دائرة العمل أو على المستوى الأسري؛ مما يكسبكم ثقة وخبرات جديدة، ويرفع من معدل الابتكار لديكم.
خطوات عملية لاكتساب الذكاء العاطفي:
١.انتبهي لمشاعرك:
بينما أنت عالقة وسط مسؤولياتك ومهامك التي لا تنتهي، عليك الالتفات لمشاعرك، وفهمها جيداً لكي تتمكني من التحكم بها، وذلك من خلال تمرين بسيط ألا وهو تخصيص وقت معين للتفكير في أمر ما وعند انتهاء الوقت، خذي نفس عميق عدة مرات متتالية، ولاحظي ما تشعرين به، وأثره على صحتك الجسدية والنفسية.
٢.انتبهي لسلوكك:
عليك الانتباه لسلوكك إلى جانب مشاعرك، وملاحظة إلى أي مدى تؤثر بعض السلوكيات على حياتك اليومية، وعلى دائرة علاقاتك، ومدى إنتاجيتك. ملاحظة طريقة تصرفك تمكنك من الحكم على الأمور بمنظور سليم، وتجعلك تقيمين نفسك جيداً.
٣. تعاطفي مع نفسك ومن حولك:
أي افهمي جيداً سبب هذا الشعور أو التصرف، وخاصة مع نفسك؛ عندما يراودك شعور ما، اسألي نفسك عن السبب وابحثي جيداً بداخلك. في البداية قد تجدين نفسك حائرة عن الإجابة، لكن بالتمرين أكثر ستنبهرين بإجابات نابعة منك تعبر عما بداخلك.
٤.تمهلي في ردة فعلك:
أي فكري جيداً في أي تصرف لك والنتائج المترتبة عليه، ولا تندفعي وراء مشاعرك، مثال على ذلك: إذا قاطع حديثك شخص ما، لا تنفعلي عليه تلقائياً، بل اشرحي له مدى انزعاجك من مقاطعته لك، وأنه من الأفضل أن يتجنب تكرار ذلك.
٥. اخلقي حولك بيئة إيجابية:
أثناء فهمك نفسك، عليك بالتفكير في كل ما هو جيد في حياتك، واسترجعي اللحظات السعيدة بها من أجل حياة صحية مستقرة لك ولمن حولك؛ فالإيجابية معدية.
٦.داومي على خطوات الذكاء العاطفي:
لا تكتفي بهذه الخطوات في موقف واحد، بل اجعليها أسلوب حياة، حتى تصلي للنتائج المطلوبة، ألا وهي فهم نفسك ومن حولك بعمق، والتحكم في مشاعرك بأفضل صورة ممكنة.
Resources:
تعليقات
إرسال تعليق