خطورة مواقع التواصل الاجتماعي.. أنقِذي حياتك!

الخطر أقرب مما تظن!
كما اجتاح فيرس الكورونا العالم، وأصاب الجهاز التنفسي لآلاف المصريين، وسبب الذعر لملايين آخرين، فإن هناك ما هو أقرب لك منه، وقد يدمر سلامك النفسي ويسلبك إنجازات حياتك؛ فيروسات تصيب جهازك المحمول، لا يُقضي عليها ببرامج مضادة للفيروسات، لكن أنت التي ستقررين القضاء عليها في نهاية مقال اليوم عندما تدركين خطورتها؛ خطورة مواقع التواصل الاجتماعي على الصحة النفسية.
سنجيب خلال مقال اليوم عن سؤالين شهيرين هما: هل مواقع التواصل الاجتماعي تسبب الاكتئاب، وما هو تأثير مواقع التواصل الاجتماعي على العلاقات الاجتماعية؟

تأثير مواقع التواصل الاجتماعي على الصحة النفسية

كيف يمكن لأنظمة مُجهَّزة لتجعلنا أقرب لأصدقائنا وعائلتنا أن تؤثر بالسلب على صحتنا النفسية؟
لا يخلو يومك من استخدام أي منصة من منصات التواصل الاجتماعي إما بالحديث مع الأصدقاء على الواتساب، أورفع صورة على الانستجرام، ولعلك أتيت إلى هنا من خلال رابط منشور على الفيسبوك.

يتزايد عدد مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي يومًا بعد يوم؛ يرجع ذلك إلى أننا مخلوقات اجتماعية بالفطرة؛ نحتاج دائما للصحبة لمشاركتهم أحداث يومنا، ولنتغلب على إحساسنا بالوحدة والضغط العصبي، ولنضفي البهجة على حياتنا.
العجيب أنك قد تدخلين هذه المواقع باحثة عن الأنس والسعادة، وتخرجين منها وأنت أكثر حزنًا وكآبة!

قد أثبتت دراسات عديدة سوء تأثير مواقع التواصل الاجتماعي على الصحة النفسية، وقبل أن نستعرض أسباب ذلك سنذكر لماذا نحن متعلقون بمواقع التواصل الاجتماعي إلى حد قد يصل إلى الإدمان.

ظاهرة "فومو"، وعلاقتها باستخدام مواقع التواصل الاجتماعي:

تمثل فومو "FOMO " الحروف الأبجدية الإنجليزية الأربعة الأولى من جملة "الخوف من فوات الشيء"؛ كالأخبار الجديدة اليومية على مواقع التواصل الاجتماعي مثلا.
يدفعك هذا الخوف إلى البقاء على اتصال دائم بهذه المواقع، فقد تتركين الجالسين معك لتمسكي بهاتفك وتطمئني أنه لم يفوتك شيء، والحقيقة أنه في الغالب لن يفوتك شيء مهم بأي حال من الأحوال طبعا باستثناء مقالات مدونتكم The Wellness Addict.

لا تنحصر ظاهرة "فومو" فقط على الارتباط بمواقع التواصل الاجتماعي لكنها تظهر بشكل كبير فيه؛ لأن مواقع التواصل الاجتماعي تشبع لديك حاجات اجتماعية خمسة، هي :
1-أن تقولي ما تريدين.
2- أن تسمعي آراء الناس فيما قولتيه.
3- أن تتابعي حياة الناس، وماذا يفعلون.
4- أن تبدي رأيك حول ما قاله وفعله الناس.
5- أن تبني علاقات اجتماعية.

لاحظي أن هذه الحاجات الاجتماعية الخمسة تشبعها أيضًا علاقات التواصل الإنساني الحقيقي.
يوضح هذا التفسير مدى تأثير مواقع التواصل الاجتماعي على العلاقات الاجتماعية؛ لأنه بإشباع هذه الحاجات قد يستبدل كثيرون التواصل الإنساني الحقيقي بمواقع التواصل الاجتماعي.

لكن إذا كان الأمر في النهاية يشمل عملية التواصل مع الآخرين، فلماذا يقولون أن مواقع التواصل الاجتماعي تعزز الشعور بالوحدة؟
هذا ما سنجيب عليه في الفقرة القادمة.

مواقع تواصل أم انفصال اجتماعي؟

يتوقف تأثير مواقع التواصل الاجتماعي على العلاقات الاجتماعية على حسب طريقة استخدامك لها، فإن مواقع التواصل الاجتماعي تعزز شعورك بالوحدة في حالتين:

الأولى: إذا كنت ممن يستبدلون حياتهم الحقيقية على أرض الواقع بتواصل عبر الشاشات لا يغني عن تواصل حقيقي مع الآخرين ترين فيه من تحبين بعينيك؛ فتزيد الهرمونات التي تقلل من الضغط العصبي لديك، وتصبحين أسعد وأكثر إيجابية.

الثانية: إذا كنت متواجدة غير نشطة على مواقع التواصل الاجتماعي؛ كأن تقضين الساعات دون أن تقوم بأي تفاعل مع الآخرين؛ لا بإرسال رسالة، أوإضافة تعليق، أومشاركة هذا المقال على صفحتك مثلًا.

لا ينحصر تأثير مواقع التواصل الاجتماعي على العلاقات الاجتماعية فحسب، لكنه يمتد ليسبب الاكتئاب للكثير كما سنشير في الفقرة القادمة.

هل مواقع التواصل الاجتماعي تسبب الاكتئاب؟

أجريت دراسات عديدة لوحظ فيها أنه كلما قلت عدد الساعات التي يقضيها الأشخاص على مواقع التواصل الاجتماعي قل معدل الاكتئاب لديهم!

ويرجع ذلك إلى أن:

1- إضاعتك الوقت من غير فائدة على مواقع التواصل الاجتماعي يجعلك تشعرين بالسوء تجاه نفسك.

2- تعرضك لكثير من الأخبار والقصص الحزينة يؤثر بالسلب على موودك العام، حتى لو لم تقرأيها يكفي بمعرفتك أن شيئا سيئا قد حدث وأحزن آخرين.

3- المشاجرات الإلكترونية تأخذ حدة أكبر مما ينبغي؛ الحياة وسط هذا الكم من الصراعات ستُسلبك سلامك النفسي.
فضلًا عن تعرض الكثير للتنمر الإلكتروني، وخاصة المراهقين.

4-المقارنة سارقة السعادة؛ فلا شيء أسوء من الشعور أنك لست كافية.
تعزز مواقع التواصل الاجتماعي لديك هذه الفكرة وتقوم عليها أفكار تسويقية كثيرة. 

عندما تقارنين نفسك بالآخرين سترين أن غيرك أجمل، وأنجح، وأكثر سعادة؛ فتجدين صورتك عن نفسك تهتز، وتظنين أنه ينقصك الكثير لتُصبحي مثلهم، الحقيقة أنك لن تصبحي مثلهم أبدًا؛ لأنهم ليسوا كما يبدون في الأصل؛ فإن الجميع يشاركك جزء صغير من حياته ينقل لك فقط الصورة المثالية، وراء هذه الصورة هناك إخفاقات عديدة فلا تُصدقي كل ما ترينه.

5- ربط قيمتك الداخلية بتفاعل الناس معك؛ في عالم الأرقام ما يهم هو الكم لا الكيف؛ فبغض النظر عما تقدمه من محتوى إذا كان عدد متابعينك كبير فهذا يعني أنك ناجح!
إذا كان تعريف النجاح يختلف بالنسبة لكل منا عن الآخر فإنه بذلك لا يستلزم أخذ موافقة ومباركة من الجميع على ما تفعله.
لذا إذا كنت ممن يهتمون بعدد التفاعلات على ما تنشرينه فعليك أن تراجعي نفسك في ذلك؛ حتى لا تستيقظي يومًا لتجدي نفسك أسيرة لما يعتقده الناس عنك.
هذا بالطبع إن لم تكوني شخصية عامة، أوممن يرتبط عملهن بمواقع التواصل الاجتماعي.

الآن سنترك لك الإجابة عن السؤال الذي طرحناه: هل مواقع التواصل الاجتماعي تسبب الاكتئاب؟
إذا كانت الإجابة "نعم" ننصحك بإكمال آخر فقرة في المقال؛ لأنها ستساعدك على تقليل تأثير مواقع التواصل الاجتماعي على الصحة النفسية لديك.

٤ نصائح ذهبية لتقليل تأثير مواقع التواصل الاجتماعي على الصحة النفسية:

1- نصف ساعة يوميا تكفي:

ولتحقيق ذلك:

-حملي تطبيق يحسب الوقت الذي تقضينه على مواقع التواصل الاجتماعي.

-اغلقي هاتفك في أوقات اجتماعاتك مع الأصدقاء والعائلة؛ حتى لا تفوّتي جمال اللحظة الحقيقة بلحظات أخرى قد تكون مزيفة.

-لا تحضري هاتفك معك إلى السرير قبل النوم.

-وقفي إشعارات مواقع التواصل الاجتماعي.

-جربي أن تحذف التطبيقات من هاتفك؛ لتصعبي على نفسك مهمة الوصول لها.

2- بمجرد فتحك لأحد تطبيقات مواقع التواصل الاجتماعي اسألي نفسك ثلاثة أسئلة:

عن ماذا أبحث؟ ولماذا أبحث عنه أوما الاستفادة التي ستعود علي؟ وهل هناك موقع بديل يمكن أن أبحث من خلاله عن نفس المعلومة؟

إذا كانت الإجابة "لا شيء" اغلقي الموقع فورًا؛ لأنك بذلك تستقطعين من وقتك الثمين الذي يمكن أن تقضيه فما هو أفيد، وتستبدلينه باللا شيء.

بتحقيق أول نصيحتين ستجدين أن لديك وقت فراغ كبير، النصائح التالية ستزودك بأفكار لقضاء هذا الوقت.

3- اقضي وقت أكثر مع أحبتك بعيدًا عن الانترنت.

-حددي وقت أسبوعي ثابت لزيارة أصدقائك وعائلتك.

-التحقي بنادي أو جيم، واكتشف مواهبك الجديدة مع أناس لهم نفس الاهتمامات.

- تفاعلي مع الغرباء: ارفعي وجهك عن الهاتف وتواصلي مع الأناس حولك في الأماكن العامة، فقط بابتسامة بسيطة وتحية صغيرة لا تدرين كيف سيحسن هذا من نفسيتك.

4- عبري دائما عن شكرك وامتنانك لكل شيء في حياتك

بعد أن تحررت من قيود مواقع التواصل الاجتماعي، وتخلصت من المشاعر السلبية، حان وقت الإيجابية:

- خصصي وقت محدد يوميًا لتدوين لمن أنت ممتنة اليوم؛ تسجيل لحظاتك السعيدة خلال اليوم سيمنحك أوقات سعيدة إضافية .

-مارسي اليوجا: استرخي ونقي ذهنك؛ سيمنحك هذا فرصة أكبر للإبداع الذي تقتله مواقع التواصل الاجتماعي فيك بعد أن تنقلك من موضوع إلى موضوع، ومن تطبيق إلى آخر؛ فتشتتك وتضعف قدراتك الذهنية.

- تطوعي: في العطاء سعادة كبيرة واكتشاف لنفسك؛ مساعدة الآخرين لن يحسن من ظروفهم فحسب بل سيسعدك كثيرًا، ويشعرك بقيمتك.

في النهاية بعد أن تعرفت على تأثير مواقع التواصل الاجتماعي على الصحة النفسية، وما تُسببه لك من شعور بالوحدة والاكتئاب، وبعد أن وضحنا لك كيف تقلل استخدامك لها، والميزات التي ستجنيها من وراء ذلك، إليك القرار في أن تحمي حياتك وتحفظ صحتك النفسية وتمنح يومك ساعات إضافية تمارس فيه أنشطة نافعة، أوأن تستلم لهذه الفيروسات.

تذكري دائما أن قدرتك على ترك ما يضرك هي أساس نجاحك!

المصادر:

https://www.healthline.com/health-news/social-media-use-increases-depression-and-loneliness#Our-curated-lives
https://www.scientificamerican.com/article/does-social-media-cause-depression/
https://www.helpguide.org/articles/mental-health/social-media-and-mental-health.htm